الأخلاق الموضوعية والأخلاق النسبية
مقالة فلسفية : الأخلاق بين النسبي والمطلق
مقدمة : طرح المشكلة
مما لا شك فيه أن الإنسان يقوم بسلوكات وأعمال مختلفة بعضها يشمل الآليات البيولوجية كآليات الجهاز العصبي والجهاز الدموي والتنفسي. وتدخل هنا كذلك الآليات الناتجة عن
العادة. وبعضها الآخر يشمل التصرفات المبنية على الاختيار والحرية والتضحية والأمانة والصدق والسرقة والكذب وغيره. فالمجموعة الأولى من الأفعال لا إرادية، وهي تخرج من دائرة الأخلاق لأننا لا نستطيع أن نستحسنها أو نستنكرها.أما المجموعة الثانية فهي تختلف اختلافا كبيرا عن الأولى لأنها تمتاز بالإرادة والوعي ولهذا كانت موضوعا للأخلاق. لكن هل القول بأن الأخلاق في جوهرها واحدة، وفي واقعها المادي متعددة، كفيل بتحديد طبيعتها؟ وبالتالي على أي أساس نقيم القيم الأخلاقية ؟
I. هل يمكن القول بأن الأخلاق واحدة لمجرد قيامها على أساس من المبادئ والثوابت؟
ـ القيمة ودلالتها: إن مدلول مصطلح القيمة في الأصل هو مدلول اقتصادي، والقيمة في الاقتصاد نوعان: قيمة استعمالية وقيمة تبادلية، فالماء والهواء قيمتان استعماليتان، والذهب قيمة استعمالية محدودة، ولكن قيمته التبادلية كبيرو جدا في الاقتصاد. هذا وإذا كانت القيمة الاقتصادية لها طبيعة مادية، فإن القيمة الأخلاقية لها طبيعة معنوية، لأنها ناتجة عن حكم تقديري أو معياري . لذا فهي ( الصورة المثالية التي يجب أن يكون عليها سلوك الإنسان). فالوفاء والكرم والإخلاص هي قيم أخلاقية إيجابية يجب التحلي بها، لأنها تعبر عن سمو الإنسان ورقيه، والغش والبخل والسرقة هي قيم أخلاقية سلبية تعبر عن انحطاط الإنسان ومن ثمة وجب الابتعاد عنها. وهذا يعني أن القيم الإيجابية تدخل في دائرة الخير، أما القيم السلبية فهي تدخل في دائرة الشر، أي أن القيمة الخلقية تستند إلى هذين المبدأين: مبدأ الخير ومبدأ الشر. وبالتالي فالقيمة في الأخلاق ترتبط بما يدل عليه لفظا الخير والشر كمعايير ثابتة أو متغيرة، وعلى ضوء هذه المعايير يتحدد أساسها في الحكم على السلوك الإنساني. ولنفحص أولا طبيعة وأهمية وأبعاد معيارين وهما العقيدة والعقل بوصفهما مما يصنف على انه من أسس القيم الأخلاقية الثابتة لا المتغيرة.
أولا : وحدة الأخلاق في قدسيتها:
إن الأخلاق جزء جوهري من الدين، والصلة بينهما وثيقة جدا، ذلك أننا نتعلم القيم الأخلاقية، ونمارسها منذ طفولتنا من خلال الدين نفسه، ففي الكتب السماوية، وفي القرآن بصفة خاصة تعاليم أخلاقية جوهرية، وفي سنة الرسول “صلى الله عليه وسلم” كذلك قيم أخلاقية عالية، وقد صوره القرآن نموذجا أخلاقيا عظيما، حيث جاء في القرآن قوله تعالى: ” ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون” وفي الحديث الشريف قوله ” ص ” : ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”. وبهذا يتضح لنا أن الدين يشكل بعدا أخلاقيا نستند إليه في تقويم أفعالنا الخلقية وفق قيم العمل بالخير والفضيلة والانتهاء عن الشر والرذيلة.
لكن هل الأفعال الأخلاقية خير لأن الله أمر بها، أو أن الله أمر بها لأنها خير في ذاتها؟
حول تفسير هذه القضية اختلف علماء الكلام في الإسلام اتجاه القيم الأخلاقية فالمعتزلة ترى أن حسن الأفعال وقبحها ، أو خيرية الأفعال وشريتها تكمن في ذاتها ، هذا يعني أن القيم الأخلاقية موجودة في الأفعال ذاتها ، والعقل هو الذي يدركها وليس الشرع، لأن الشرع في نظر المعتزلة عندما يأمرنا بأفعال وينهانا عن أفعال أخرى ، إنما يتبع ذلك ما في الأفعال من حسن وقبح، فأمره بالمحافظة على الأنفس والأموال إنما لما فيها من حسن ونهيه عن القتل والسرقة لما فيها من قبح، ولذلك فالعقل هو المثبت لخيرية الأفعال وشريتها لكونه يستطيع أن يدرك ويميز بين ما هو حسن وما هو قبيح، واستدلوا على ذلك بمبررات نذكر من بينها : أن الناس أدركوا الحسن والقبح قبل نزول الوحي ، كما أن مجهود الرسل في إقناع الناس مبني على العقل.غير أن فرقة الأشاعرة تعترض على موقف المعتزلة حيث تؤكد على أن حسن الأفعال وقبحها أو خيرية الأفعال وشريتها إنما هي من الشرع أي أن الأفعال في ذاتها لا تحمل ما يشير إلى كونها حسنة أو قبيحة وإنما تصبح كذلك بالأمر أو النهي الإلهي. فالشرع في أمره ونهيه مثبت لصفات الأفعال مما يؤدي إلى إبطال القول بأن خيرية الأفعال وشريتها مستمدة من ذاتها .وقد أكد ذلك” أبو الحسن الأشعري” بقوله
إن الخير والشر بقضاء الله وقدره). وهو نفس ما ذهب إليه الإمام ” ابن حزم الأندلسي” حين رأى بأن الأشياء لا تحمل حسنها وقبحها في ذاتها، بل إن الحسن والقبيح والخير والشر بحسب إرادة الله وما جاء به الشرع أمرا أو نهيا.
مناقشة:بالنسبة للمعتزلة لا يمكن إهمال دور العقل في التمييز بين الخير والشر، ولكنه وحده ليس كاف فقد يكون عرضة للضلال إذ هو يحتاج إلى أوامر ونواهي الشرع.أما بالنسبة للأشاعرة والإمام ابن حزم الأندلسي فلا يمكن إنكار فيما ذهبوا إليه، إلا أنهم أهملوا دور العقل في معرفة الفعل الأخلاقي عن الفعل اللاأخلاقي ويتضح هذا في اجتهادات العلماء في تمييز الفضائل عن الرذائل. لكن ألا يمكن للأخلاق أن تقوم مستقلة عن الدين، ولا تحتاج إلى أوامر إلهية ؟ لأنه يمكن أن يكون الإنسان ليس له دين ولكن له أخلاق، كما يمكن للمتدين أن يكون غير أخلاقي.
ثانيا : الأخلاق ومطلقية العقل: إذا كان العقل فضلا عن الدين، هو أهم ما يميز الإنسان، ويرفعه فوق عالم الحيوان، فهل يصلح أن يكون مرجعا لجميع قيمنا الخلقية ؟
إن الإنسان كائن عاقل بالدرجة الأولى وعقله ليس ملكة للفهم والمعرفة فحسب بل هو مصدر الفعل الأخلاقي. ويعتبر الفيلسوف اليوناني أفلاطون من الذين يعتقدون بوجود علم أو حكمة سامية غرضها الأقصى هو الخير المطلق، ومعرفة هذا العلم وفي كل ما نرغب فيه يكون عن طريق العقل. حيث يقول: ” إن الخير فوق الوجود شرفا وقوة ” وهذا لا يعني أن الخير لا وجود له، وإنما يعني أن وجوده أسمى كحقيقة مثالية من الوجود الواقعي، لأنه إدراك عقلي لقيمة الخير، وتقسم أفعال الناس إلى القوة العاقلة والقوة الغضبية والقوة الشهوانية، وأن قوى النفس الثلاثة تدبرها ثلاث فضائل : الحكمة وهي فضيلة العقل، والشجاعة وهي فضيلة القوة الغضبية، والعفة وهي فضيلة القوة الشهوانية، والحكمة رأس الفضائل كلها لأنها تحد من طغيان القوة الغضبية والقوة الشهوانية معا، وإذا انقادت الشهوانية للغضبية والغضبية للعقل تحقق التناسق والتناسب في النفس، وهي الحالة التي يسميها أفلاطون بالعدالة.
وفي سياق هذه الفلسفة الأخلاقية ذاتها نجد الفيلسوف الألماني كانط يذهب إلى أن القواعد الأخلاقية مصدرها العقل لا التجربة، وهذه القواعد تتصف بشروط أولية لمعرفة العالم الحسي، فالعقل هو الذي يمدنا بمعنى الواجب. ويقوم هذا الواجب على الإرادة الحرة، وهي إحدى المسلمات التي لا بد منها للأفعال الأخلاقية فضلا عن ثلاث قواعد أساسية:
القاعدة الأولى: ” افعل كما لو كان على مسلمة فعلك أن ترتفع إلى قانون طبيعي عام “. ذلك أن الشخص لا يحيل المبدأ الخلقي الذي انطلق منه في عمله الخلقي كالمنفعة إلى قانون أخلاقي يعممه على جميع الناس، فالإنسان المخلص لغرض نفعي ما، وكان منطلقه مبدأ منفعته الشخصية، لا يحول المبدأ الأخلاقي إلى قانون خلقي قابل للتعميم.
القاعدة الثانية: ” افعل الفعل بأن تعامل الإنسانية في شخصك وفي شخص كل إنسان، بوصفها دائما وفي نفس الوقت غاية في ذاتها، ولا تعاملها أبدا كما لو كانت مجرد وسيلة “. فالشخص الذي يعطي وعودا كاذبة إنما يتخذ الآخرين مجرد وسائل من أجل تحقيق رغبات ومنافع معينة من غير أن يلتفت إلى أن لهم حقوقا بصفتهم كائنات عاقلة أو غايات في ذاتها.
القاعدة الثالثة: ” اعمل بحيث تكون إرادتك باعتبارك كائنا عاقلا هي بمثابة تشريع عام “. ويقتضي ذلك ضرورة الخضوع للقانون باعتبارنا مشرعيه، وما دامت إرادتنا هي بطبيعتها خاضعة للقانون، فإنه لا بد لهذه الإرادة من حيث هي غاية في ذاتها أن تكون مصدر هذا القانون أو التشريع، لأن خضوع الإنسان للقانون الأخلاقي يرجع إلى أنه مشرعه في الوقت ذاته.
مناقشة: إن الأخلاق بالمنظور العقلي متسامية وغاية في التجريد، إذ هي منفصلة عن التجربة الواقعية للإنسان، وتقصي العواطف والميول لديه، مع أن الواقع يقرر في كثير من الأحيان أن السلوك الذي ينبع من الوجدان قد يكون أنبل من ذلك الذي ينبعث من العقل بأحكامه المطلقة دون اعتبار للظروف الاستثنائية.
ونخلص إلى أن التسليم بكون الأخلاق واحدة في جوهرها على نحو ما بينه أنصار الدين والعقل لا يحل المشكل، لأن ذلك لا يفسر تعددها وتنوعها الذي يفرض نفسه في الواقع.
II. ألا يمكن الاعتقاد بأنها متعددة بتعدد مشاربها، متغيرة بتغير بيئاتها وعصورها ؟
إن الحديث عن تعدد القيم وتغيرها، معناه الحديث عن نسبية القيم الأخلاقية، أي أنها ليست قيما ثابتة ومطلقة، بل هي قيم تتغير وتتبدل تبعا لظروف عبر الزمان والمكان، وكذلك اختلاف الثقافات، لأن النسبية الثقافية تتبعها النسبية الأخلاقية. وهذا يقودنا مباشرة إلى بسط فكرة التعدد الأخلاقي، ويضعنا في مواجهة التفسيرين السوسيولوجي والنفعي للسلوك البشري.
أولا : نسبية القيم من تنوع المجتمعات: إن الإنسان لا يعيش لذاته، ولا في عزلة عن غيره، بل إن أفعاله تؤثر في الآخرين، كما يتأثر بأفعالهم إن كانت خيرا أو شرا. وانطلاقا من هذه المسلمة يؤكد الاجتماعيون وعلى رأسهم إميل دوركايم بأن الأخلاق ظاهرة اجتماعية. ذلك أن الأخلاق تبدأ حيث التعلق بجماعة، والفرد يجدها تامة التكوين في المجتمع الذي يكون فيه، يكتسبها عن طريق التربية والتنشئة الاجتماعية التي تمنحه المبادئ الأخلاقية ، لهذا كان الضمير الأخلاقي الفردي مجرد صدى لأحكام الوعي الجماعي وإرادته.
وقد أكد ذلك دوركايم بقوله
المجتمع ليس سلطة أخلاقية فحسب ، بل إن الدلائل تؤكد أن المجتمع هو النموذج والمصدر لكل سلطة أخلاقية) كما قال أيضا: ( ليس هناك سوى قوة أخلاقية واحدة تستطيع أن تضع القوانين للناس هي المجتمع ). وقد ذهب ليفي برول إلى اعتبار الأخلاق ظاهرة اجتماعية لها قوانينها، ويدرس علم الأخلاق الأفعال الإنسانية كما تلاحظ في الواقع، وليست القيم سوى مظهر للجماعة تابع لمعتقداتها وعلومها وفنونها وعلاقاتها بالجماعات الأخرى، ولهذا اختلفت الأخلاق من مجتمع إلى آخر، فلا توجد أخلاق بل توجد عادات خلقية.
مناقشة: إن هذا الاتجاه قد ذهب إلى أن المجتمع هو مصدر الأخلاق، واستبعد بذلك الخير كضرورة عقلية لكن التاريخ يؤكد أن الكثير من المصلحين والزعماء ثاروا ضد أخلاق مجتمعاتهم لأنها فاسدة. كما أن القول بالأصل الاجتماعي للأخلاق يتعارض وحقيقة المجتمعات المتغيرة زمانا ومكانا فكم من فعل أخلاقي اعتبره المجتمع خيرا صار بعد ذلك شرا والمثال على ذلك الرق.
ثانيا: السعادة في اللذة والخير في تعدد المنافع:
1 ـ السعادة في اللذة: يذهب أصحاب هذه الأخلاق إلى التأكيد بأن السعادة هي غاية الحياة، بل هي غاية الغايات للإنسان، ولا تحصل هذه السعادة ولا تتحقق إلا بتحصيل اللذات وتجنب الآلام، من هنا كانت اللذة هي الخير والفضيلة، والألم هو الشر والرذيلة، لذلك على الإنسان أن يطلب أكبر قدر من اللذة وأن يسعى ويجتهد في الوصول إليها، لأنها أساس تحقيق السعادة وأن الإخفاق في تحصيلها هو الألم والشر، ومن أشهر رواد هذا المذهب ” أبيقور ” و ” أرستيب ” ، يقول أبيقور: (إن السعادة أو اللذة غاية الإنسان، ولا خير في الحياة إلا اللذة، ولا شر إلا الألم، وليس للفضيلة قيمة ذاتية، إنما قيمتها في اللذة التي تصحبها). ويؤكد أبيقور أن اللذات العقلية والروحية أهم من اللذات البدنية، وأن خير لذة تطلب هي لذة ” طمأنينة العقل وراحة النفس ” ولذة ” الصداقة ” والابتعاد عما يسبب القلق والاضطراب والآلام.
2 ـ الخير في تعدد المنافع: قد أسس هذا المبدأ الأخلاقي كل من الفيلسوفان الانجليزيان”جون استوارت مل ” و “جيرمي بنتام”، حيث ذهبا إلى أن أكبر ما يمكن من السعادة لأكبر عدد ممكن من الناس هو أساس الأخلاق ومعيارها، أي تحقيق أقصى ما يمكن من المنافع والسعادة واللذات بجماعة معينة، وهذا يقلل من عدد الأفراد الذين يشعرون بالألم ويحقق المصلحة الجماعية، ولهذا وضع ” بينتام ” مقياسا لحساب اللذات قصد الوصول إلى تحقيق أكبر قدر من المنافع للجميع، وهذا المقياس ينطبق على الأفراد كما ينطبق على الأمة قاطبة، لأن الخير هو ما يكون نافعا لنا، وما هو نافع لنا يكون في الوقت نفسه نافعا لغيرنا، والعكس صحيح.
مناقشة: إن الأخذ بمبدأ اللذة كمقياس أخلاقي يعبر عن تصور أناني وشخصي للقيم الأخلاقية، وهذا يؤدي إلى اختلاف الناس في تحكيمه، كما انه ليس كل لذة خيرا، وليس كل ألم شرا، إضافة إلى أن ربط القيم الأخلاقية باللذة هو انتقاص من قيمة الأخلاق وسموها وقدسيتها. أما بالنسبة لمبدأ المنفعة فهل يمكن أن تتوافق المنافع لدى أفراد المجتمع بصورة عفوية؟ إن الواقع يثبت تضارب المنافع وتصادمها بين الأفراد، وهذا ما يؤدي إلى الصراع، كما أن ربط القيم الأخلاقية بالمنافع يجعلها مجرد قيم تجارية متقلبة مع المصالح وهذا لا ينسجم مع سمو الأخلاق وشرف القيم.
III. لكن أليس من الموضوعية اعتبارها ثابتة في مبادئها، متطورة في تطبيقاتها؟
متغيرات الأخلاق ضمن ثوابتها:
إن هدف أي نظام أخلاقي هو جلب المصالح ودرء المفاسد، ولما كانت المصلحة هي الخير العام والمطلق، فإنها ثابتة لا تتغير وواحدة لا تتعدد ، ولكن القيم الوسيلية التي تسعى لتحقيق هذه القيمة ( القيمة المطلقة ) قد تتغير بتغير الظروف، وهنا لا يتحول الخير إلى شر ولا الشر إلى خير، وإنما الخير المطلق واحد هو المصلحة المعتبرة شرعا وعقلا، والموجهة إلى الفرد والمجتمع، والذي تغير هو القيم الوسيلية، ذلك أن الغاية الأخلاقية وحدها هي التي تبرر الوسيلة. ومعنى هذا أن الأخلاق ثابتة في مبادئها وأهدافها، ومتغيرة ونسبية ومتطورة في تطبيقاتها. ولنأخذ الصدق كمثال، فالصدق قيمة أخلاقية مطلقة عندما ننظر إليها كفكرة مجردة، أما عندما ننظر إليها كممارسة، فإننا نجد لها استثناءات مثل حالة إصلاح ذات البين.
خاتمة: حل المشكلة
بالرغم من الاختلاف الظاهر حول الأسس التي يقوم عليها الفعل الخلقي، إلا أنها تبقى في حقيقة الأمر أسسا متكاملة ومتداخلة في فهم السلوك الأخلاقي والحكم عليه، وترتبط من بعض النواحي بالعقيدة الدينية، وبما أن العقيدة الدينية ذاتها تقوم على نوع من الفهم يتم بواسطة العقل، فإن العقل ضروري للتجربة الأخلاقية فهو يصوبها ويربطها دائما بمنطق الواقع، ثم أن هذه التجربة وإن تعلقت قيمها بضمير الفرد نفسه وجب أن تناقش وأن تستمد أحكامها التنظيمية وقواعدها من الجماعة، دون أن تتعارض مع الطبيعة البشرية.